أخبار وطنية مقال رأي: الاستفتاء الداخلي لحركة النهضة: "مُكره أخاك ..لا بطل"
بقلم نورالدين المباركي
اذا أردنا تسمية الأشياء بمسمياتها، نقول إن الاستفتاء الداخلي الذي تنظمه حركة النهضة للحسم في تأجيل المؤتمر الاستثنائي من عدمه، هو في الأصل استفتاء لترحيل الحسم في الخلافات الداخلية الى ما بعد الانتخابات المقبلة في تونس .
في مؤتمر جويلية 2012، تم الاتفاق على أن النقاط الخلافية التي قد " تفجر الحركة من الداخل " يجب ترحيلها الى مؤتمر استثنائي ( صائفة 2014)، لأن الحركة منشغلة بتوفير أرضية نجاح تجربتها في الحكم، وان فتح الملفات الخلافية خاصة الحارقة من شأنه أن يُضعف وحدة الحركة في مواجهة تحديات الحكم .
ومن أبرز هذه النقاط الخلافية الحارقة، مسألة تقييم المواجهة بين حركة النهضة والنظام السابق في فترة التسعينات ، وتحديد الأطراف التي دفعت الى المواجهة وتحميلها جزء من مسؤولية ما تعرضت له الحركة من محاولات استئصال وسجن وهجرة قياداتها وأعضائها وأنصارها. تيار داخل النهضة مازال الى اليوم يعتقد أن تقييم مرحلة التسعينات، لا يجب أن تمر دون تقييم ومحاسبة ، محاسبة كل من دفع في اتجاه المعركة غير المتكافئة بين النظام السابق و الحركة.
هذه النقطة الخلافية احتلت مساحة كبيرة من الجدل في مؤتمر جويلية 2012 ، وكشفت وقتها أن التقدم في تفكيكها سيُساهم في اضعاف الحركة و سقوط رؤوس قيادية بعضها يتحمل مسؤوليات حكومية في حكومة الترويكا، هذا طبعا الى جانب بعض القضايا الخلافية مثل الفصل بين السياسي والدعوي، اذ يعتقد شق من حركة النهضة أن الحركة انغمست في الشأن السياسي وأهملت احدى أهم ركائز الحركة الاسلامية أي الجانب الدعوي .
ربما كان في تقدير مؤتمر جويلية 2012 أن حكومة الترويكا التي مثلت حركة النهضة عمودها الفقري ستتقدم في انجاز المرحلة الانتقالية ، خاصة انجاز الانتخابات البرلمانية نهاية 2013، لكن أداء حكومتي الترويكا ومتغيرات الواقع، اسقطت هذا التقدير، وتم ترحيل الانتخابات (مبدئيا) نهاية 2014، مما حصر حركة النهضة في زاوية : من ناحية هي مطالبة بتطبيق أحد مقررات مؤتمر جويلية 2012 أي عقد مؤتمر استثنائي في صائفة 2014 ، ومن ناحية ثانية أسباب ترحيل الحسم في الخلافات الداخلية مازالت قائمة والعنوان هذه المرة استعدادات الحركة للانتخابات المقبلة.
لا يبدو أن المشاورات الداخلية التي تمت للتوافق حول الخروج من هذه الزاوية قد أفضت الى نتائج ملموسة ، والمسألة هنا لا تتعلق بقوة المبررات لتأجيل المؤتمر الاستثنائي أو عقده في موعده ، انما بشبه التساوي بين عدد أنصار كل مقترح ، مما دفع لخيار الاستفتاء لحسم الخلافات التي طرحت في مؤتمر 2012، يُضاف اليها الخلافات في تقييم تجربة الحكم، وهي خلافات حقيقية .
حركة النهضة تسوّق لهذا الاستفتاء انه تكريس للديمقراطية الداخلية ، وذهبت صحيفة " الفجر" الى اعتباره درس لكل الأحزاب العربية في الديمقراطية الداخلية ، لكنه في الأصل ينطبق عليه ذلك المثل " مُكره أخاك لا بطل".